أسدل الستار مساء أمس على تصفيات جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، بمشاركة 10شعراء بمسرح دار الأوبرا بكتارا،

وينتظر الشعراء وجمهور الكلام الموزون هذا المساء الإعلان عن الفائزين الخمسة الذين نالوا أعلى الدرجات من بين زملائهم المتأهلين. وشارك في الليلة الثالثة من التصفيات الشعراء: أحمد بخيت من مصر بقصيدته “المشكاة”، وأمجد غازي الخطاب من سوريا وقصيدته “آية الحب”، والشاعر المصري عبدالكريم السيد بقصيدة “بوح المريد”، في حين تعذّر على الشاعرالمصري طلعت المغربي الحضور والمشاركة في هذه التصفيات.

أما الشاعر اليمني حسين علي الزراعي فشارك بقصيدة “مقامات الكتابة بالدموع”، في حين دبّج الشاعر الفلسطيني سمير العمري قصيدة “ينبوع النبوة”، وتابع الجمهور مشاركة الشاعر الأردني أبوشميس بقصيدة “الهدهد”، ومشاركة الشاعر السعودي محمد السحيمي بقصيدة “زيارة الوداع”.

ووقعت الشاعرة السورية مروة حلاوة على مشاركتها في الليلة الأخيرة من التصفيات بقصيدة “على باب الرسول”، لتأتي مشاركة الشاعر العراقي مسار رياض، بقصيدة صائغ الحياة بينما قصيدة “رواء لظماء الكون” فهي من قريض الشاعرة السودانية مناهل فتحي.

وفي سياق الفعاليات المصاحبة لجائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، ضمن مهرجان كتارا لشاعر الرسول، تابع عدد من الحضور المحاضرة الثالثة التي أطرها الدكتور خالد جبر بجامعة قطر في موضوع: “موقف الرسول الكريم من الشعر والشعراء”، وأدارها الشاعر الدكتور أدي ولد أدب..

وأشاد الدكتور خالد جبر بما أقدمت عليه كتارا باستحداثها لجائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم. وقال بهذا الخصوص: “إن محاولة استحضار الأمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عاش قبل 15 قرناً تقريباً في مواقفها وسلوكها والنهوض من كبواتها لا يمكن أن ينهض بها إلا دولة أو جماعة تستحضر الماضي الدقيق الأنيق.. وإلا فإن كثيراً من الأمم أهملت أنبياءها ومنها من قتلتهم وآذتهم، ومن حسن حظنا أن اختارنا الله أن نكون أمة وسطاً وأرسل لنا خاتم الأنبياء والمرسلين، والشكر لكتارا على ما قامت به من جهود، لأن كثيراً من الجوائز التي تُقدم في هذا الزمن لا علاقة لها بالأمة وهمومها، وكتارا تحاول أن تستنهض هذه الفكرة والشكر لها”.

وقال الدكتور جبر، إننا عندما نتحدث عن موقفه عليه الصلاة والسلام من الشعر والشعراء، فإننا نتحدث عن ثلاثة أنحاء، لأنه لم يكن عليه السلام شخصاً عادياً، فهو صلة بين الخالق والمخلوقات، وصلة بين هذا الكون الفسيح، والمنحى الثاني أنه صلى الله عليه وسلم إنسان كالبشر، والإنسان تعتريه عوارض البشر فهو يحب ويكره، ويقترب ويبتعد ويُقرِّب ويُبعِد. أما المنحى الثالث، فإنه عربي، مبيناً أن كل واحد من هذه الجوانب له علاقة بموقفه من الشعر والشعراء، لينتقل بعد ذلك في تفكيك مضمون محاضرته، انطلاقاً من القرآن الكريم، للرد على الاتهامات ودحض أن النبي عليه السلام شاعر، إذ كان غرضهم من ذلك أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يأتِ بجديد بل أتى بكلام مثل كلام العرب، وردّ القرآن على ذلك بالآية الكريمة: “وما علمناه الشعر وما ينبغي له”، حيث إن الوليد بن المغيرة عندما سمع القرآن قال: هذا ليس بكلام البشر، وأشار على قومه بأن يقولوا: ساحر أو كذاب، والقرآن أيضاً كذّب هذه الفِرية.

وذكر المحاضر أن البعض وقف موقفاً سلبياً من الشعراء استناداً إلى الآية الكريمة “والشعراء يتبعهم الغاوون”، حيث إن البعض يكاد يقول إن الإسلام نهى عن قول الشعر، مع أننا نرى في مواقفه عليه الصلاة والسلام ما يشهد له أن “الشِّعْرُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلامِ، فَحَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلامِ، وقَبِيحُهُ كَقَبيحِ الْكَلامِ”، داعياً في هذا الصدد إلى التفسير الموضوعي للقرآن الكريم من أجل فهم موقف القرآن من الشعر.

ومن مواقفه عليه السلام أنه قال: “إن من البيان لسحراً”.

أما المنحى الثاني فاستقاه الدكتور جبر من الأحاديث النبوية الشريفة، لأنه عليه السلام كان مشرعاً، حيث كان يحذّر صلى الله عليه وسلم من فحش القول أو أن تكون ثقافة الإنسان كلها من الشعر، حينما قال: ” لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً”.

أما المنحى الثالث، فهو من مأثورات الصحابة رضوان الله عليهم أمثال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهم، ليمرّ بعد ذلك على العصور الذهبية في الحضارة الإسلامية بدءاً من الأُمويين ومروراً بالعباسيين، حيث أبرز أن الشعر أصبح خادماً للقرآن في التفسير، وأن بالشعر يمكن التمييز بين العربي المسلم والأعجمي المسلم.

ووقف د. خالد جبر، ملياً على أهمية الكلمة وقيمتها في الحضارات، حيث إن كل الحضارات التي أهملت الكلمة اندثرت في التاريخ إلا إذا تركت معْلماً مادياً، لأن الكلمة وحدها هي الوسيلة التي تحفظ بها الأفكار والأشخاص والأشياء، والآن الصورة تقوم مقام الكلمة، لكنها أيضاً بدون كلمة مرادفة، فإنها تظل غُفلاً، إلا في الدعاية والإعلان.

من جهة أخرى، وعظ الداعية الصرحة في موضوع “الرسول القدوة”، حيث أبرز أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يتعامل بالصفح والعفو مع أعدائه وخصومه سواء في السلم أو الحرب، وأنه كان يتعامل معهم بالوفاء والرحمة.

وفي الفعاليات المصاحبة، تشارك وزارة الثقافة والرياضة ممثلة بمركزالفنون البصرية بفعاليات مهمة، وقالت هنادي درويش مديرة رواق مركز الفنون البصرية بمهرجان كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، إن هذه المشاركة جاءت بناء على قيمة المهرجان الذي يعدّ أكبر نشاط ثقافي ديني على مستوى الوطن العربي والإسلامي، مشيرة إلى أن المركز يشارك بمجموعة من الفعاليات، حيث تمّت دعوة عدد من المدارس الإعدادية والثانوية لتشجيع فئة الشباب والأطفال للمشاركة بهذا الحدث العظيم ودعوتهم لترسيخ مبادئهم الدينية ودعوتهم للبحث، وتمّ ذلك من خلال عمل مجموعة متنوعة من المسابقات في عدة مجالات منها: الرسم والتلوين، الخط العربي، الشعر، والفيلم التسجيلي القصير عن سيرة الرسول العطرة، حيث تمّ رصد مجموعة من الجوائز للثلاثة الفائزين في كل مجال على حدة.

وذكرت الدكتورة وسام محمود رضوان، اختصاصية الطباعة الفنية بالمركز، أنه تمّ تخصيص مساحة خاصة للأطفال لعمل بعض الأنشطة الفنية للأطفال وترك المجال لهم للتعبير كل بأسلوبه عن خير الأنام من خلال نظرته الطفولية، ومن ثمة عمل معرض يومي لأجمل اللوحات وتوزيع مجموعة من الجوائز.

وقال الدكتور سمير العمري من فلسطين وهو أحد الشعراء المشاركين في جائزة كتارا لشاعر الرسول، إن الفكرة التي أتت بها كتارا تحقق غرضا ًنبيلاً في خدمة الأمة في هذا المشهد الشعري، مشيراً إلى أن مشاركته جاءت حباً في رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتتواصل المعارض المصاحبة التي تلقى إقبالاً كبيرا من قبل زوّار كتارا من المُواطنين والمُقيمين والسياح.

المصدر: جريدة الراية

التاريخ: 14 أبريل 2016