وسط أجواء من الحماس والإثارة تواصلت أمس، ولليوم الثاني على التوالي تصفيات جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم بدار الأوبرا بكتارا بمشاركة 10 شعراء، وصعد الشعراء العشرة الذين يشكلون واسطة العقد في المسابقة إلى خشبة مسرح دار الأوبرا، وهم يصدحون بحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وكان أول المشاركين، الشاعر واللغوي السوري غازي مختار طليمات بقصيدته “معلقة لسيد طيبة” وشارك الشاعر العماني أشرف بن حمد العاصمي بقصيدة “صلاة قلب” والشاعر المغربي خالد بودريف بقصيدته “السراج المنير”.
أما الشاعر الليبي زكريا الفاخر فوقع على مشاركته بقصيدة “قمح لقوافل الجياع”، بينما جاءت مشاركة الإرتيري صالح طه ياسين بقصيدة “سيد الرحمة”. في حين أن المشاركة المغربية الثانية وقع عليها الشاعر محمود شهيد بعنوان “ذوبان قبل الأوان”.
وجاءت قصيدة “بردة العاشقين” من توقيع الشاعر الأردني ناصر يوسف جابر، لتحلق بعدها الشاعرة الفلسطينية نيفين بشير مع الجمهور بـ”تلاوة في محراب لا يغيب”، ليسدل الستار على الأمسية الشعرية بمشاركة من تونس الخضراء وقع عليها الشاعر يوسف بن علي رزوقة.
وأبدى أعضاء لجنة التحكيم وهم: الدكتور ياسين الأيوبي من لبنان والدكتور علي جعفر العلاق من العراق والدكتور أحمد درويش من مصر، آراءهم وتعليقاتهم على قصائد المشاركين.
مسابقة للطلاب
وأبرز الشاعر السوري الدكتور غازي مختار طليمات في تصريح صحفي، أن جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم رغبة صادقة في إحياء السيرة النبوية، متمنيا أن تضاف إليها مسابقة للطلاب الذين درسوا السيرة، حتى نجد حصاد هذه المسابقات الكبرى، منوها أن الغرض من كل مسابقة هو تربية الناشئة وليس الفوز بالجوائز.
وأشاد طليمات بحسن تنظيم المهرجان وتوضيبه وقال: “إن المشرفين على الجائزة أتقنوا تنظيم المهرجان ووفوه حقه من استقبال القصائد واختيارها، ونرجو أن تدوم هذه السنّة وأن تصبح سنوية”.
اهتمام بالثقافة الدينية
وقال محمد علي الأبرش، أحد الحضور الذي يتابع بشغف تصفيات منافسة جائزة كتارا لشاعر الرسول، إن المسابقة تعد نقطة تحول جذري في المجال الثقافي بدولة قطر والخليج العربي والوطن العربي قاطبة، وهي تدل على اهتمام قطر بالمجالات الدينية والثقافية المختلفة من قبيل اهتمامهم باللغة العربية والبرنامج التلفزيوني الكبير “فصاحة”، وجائزة كتارا للرواية العربية التي لم نشهد لها نظيراً في العالم العربي وغير ذلك من النشاطات الكبرى. وأضاف: ما نشهده من مسابقة جائزة كتارا لشاعر الرسول يدل على وعي ثقافي وديني عال، حيث إن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم كل شعراء المسابقة يلهجون بها ويعبرون عن حبهم بالأدوات التي يمتلكونها.
محاضرة “النبي مربيا”
ويوم أمس شهد عددا من الفعاليات المصاحبة ضمن مهرجان حب الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث تحدث الدكتور رمضان خميس، أستاذ بكلية الشريعة بجامعة قطر خلال المحاضرة التي احتضنها المبنى رقم 18 بكتارا وأدارها الشاعر الموريتاني أدي ولد أدب في موضوع “النبي مربيا”.
وقال الدكتور رمضان خميس مثنياً على الأجواء التي أسهمت جائزة كتارا لشاعر الرسول في ربوع الحي الثقافي: “إن هذه نفحة من نفحات المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يجتمع هؤلاء الثلة لمدارسة سيرته عليه السلام ومدح خير البرية”.
وتساءل الدكتور رمضان خميس: لماذا نحن بحاجة إلى هذه الزاوية (يقصد الجانب التربوي) موضحا أن العالم المعاصر لا ينقصه كثير علم، بل المزج بين العلم والعمل وفهم هذا التراث فهمًا صحيحا، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتكلف بحفظ فكرة الإسلام، بل تكفل القرآن بحفظه (إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، مشيرا في الآن ذاته أن المصطفى عليه السلام كانت غايته أن يحول القرآن إلى رجال ونساء يمشون على الأرض، إذ طبع القرآن على صفحات قلوبهم كما أنه لم يكن شغله أن يحفّظهم القرآن بل إنشاء جيل يتمثل القرآن مستشهدا بوصف أمنا عائشة رضي الله عنها لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قالت: كان خلقه القرآن.
من الوعي إلى السعي
وأبرز خميس أنه لا تنقصنا المعرفة، بل تنزيل هذه المعرفة على واقعنا، إذ طاف حول منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم التربوي من أجل الانتقال من الوعي إلى السعي.
وسرد الدكتور خميس عددا من الملامح في هذه التربية من بينها ما أطلق عليه “فقه المخطئ”، حيث إن المخطئ لا يحتاج إلى مشرط الطبيب، بل إلى المراهم والبلاسم، وأن تكون نظرتنا له أيضا نظرة الطبيب للمريض، وليس نظرة الشرطي إلى اللص، وكذلك عدم تعنيف المخطئ.
أما الملمح الثاني فهو التشجيع والثناء، ويليه عدم التشهير واستعمال عبارة “ما بال قوم..” وهو ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم التربية بالموقف أو التربية بالحدث (صلوا كما رأيتموني أصلي).
ومن الملامح التي ذكرها المحاضر، تقدير الضعف البشري، حيث إن الإنسان يصيب ويخطئ، واستعمال أسلوب التبشير لا التنفير والتعليم عن طريق الحوار.
موعظة بمسجد كتارا
وبعد صلاة المغرب مباشرة، ألقى الداعية راشد سالم آل سنيد المري، موعظة قصيرة بمسجد كتارا، حول اصطفاء الله عز وجل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من بين جميع البشر والأنبياء والرسل و”أولو العزم”، حيث جعله سبحانه وتعالى رحمة للإنسان والحيوان والنبات والجماد.
وتحدث راشد المري عن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأطفال والصغار، وحكى قصة ذلك الطفل (الصحابي) أبو عمير، عندما كان صغيرا وحزن لوفاة عصفوره، وذهب إليه ليواسيه وقال له مداعبا: “يا أبا عمير، ماذا فعل النُّغيْر”
فعاليات جاذبة
من جهة أخرى، جذب رواق مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الإنسانية (راف) اهتمام الزوار، حيث يعرفهم على جانب مهم من السيرة النبوية عن طريق معرض صور، ومجسمات مصغرة للمسجد النبوي في عهده صلى الله عليه وسلم، والمدينة المنورة وأهم الأحداث التي شهدتها مثل: غزوة بدر وأحد والخندق وغير ذلك.
ويتفاعل الصغار مع المسابقات التي يقدمها جناح قطر الخيرية في قالب شيق، حيث تشتمل على ألعاب وأسئلة، تتوج بتوزيع الهدايا على الصغار.
وقال السيد أنور الطيري، إننا نحاول كل يوم تفعيل سنّة من سننه عليه الصلاة والسلام مثل: إفشاء السلام والتبسم، وكذلك أسئلة تتمحور عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأشاد أنور بالأجواء التي يعرفها مهرجان حب الرسول صلى الله عليه وسلم المصاحب لجائزة كتارا لشاعر الرسول، وإدخال السرور في نفوس الأطفال وأوليائهم.
معرض مساجد حول العالم
ويتواصل توافد الزوار على المعارض المصاحبة، لمعرض “مساجد حول العالم” بالمبنى رقم 18، وهو عبارة عن جولة فنية على مجموعة من صور أجمل المساجد من مختلف دول العالم، التي تمثل بصمة فارقة في فن العمارة الإسلامية ومعرض “شعراء عبر العصور في مديح الرسول صلى الله عليه وسلم”، حيث يجد الزائر نسخته من كتاب أنيق يضم محتويات المعرض، ويؤرخ لهذه المحطة الثقافية المهمة في تاريخ الجائزة، بالإضافة إلى معرض الخط العربي بالمبنى رقم 19.
المصدر: جريدة الراية
التاريخ: 13 أبريل 2016