اختتمت مؤخرا في المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا مسابقة شاعر الرسول، وهي من الفعاليات القوية التي تحظى باهتمام ومتابعة من قبل الجمهور، وتعتبر جائزة شاعر الرسول أول نشاط شعري ديني ينظم على مستوى الوطن العربي، ويهدف إلى اختيار أفضل المتسابقين، وهم الذين يثبتون تألقا ويتجملون ويصدحون بأجمل القصائد وأعذب الكلمات والأبيات في مدح الرسول.
وتأتي هذه الفعالية القوية إلى جانب ما اعتادت المؤسسة تنظيمه سنويا من فعاليات ناجحة بكل المقاييس مثل ملتقى الفنون ومهرجان المحامل وحلال أهل قطر وغيرها الكثير، مما يحسب لإدارة المؤسسة وكل القائمين عليها.
لقد أطلقت المؤسسة هذه المسابقة في وقت اعتادت خلاله جهات عديدة في الغرب الإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في أفلامها ورسوماتها، وفي وقت اعتادت فيه أيضا بعض التليفزيونات العربية من تقديم برامج شعرية هدفها الأساسي الربح، أما مسابقة شاعر الرسول فكانت أهدافها نبيلة أهمها وفي المقام الأول دحض افتراءات من أساؤوا للرسول، ثم الهدف الثقافي والبلاغي الذي من أجله تبارى الشعراء في إظهار قوة البيان وإثبات طلاقة اللسان، وغير هذا من مقومات الفصاحة.
بقدر ما نتقدم بالشكر للمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا نتقدم بالشكر أيضا لكل الشعراء الذين شاركوا في هذه المسابقة من حالفه الحظ بالفوز ومن لم يفز، فجميعهم يكفيهم شرفا أنهم انضموا إلى موكب أو كوكبة الشعراء الذين تصدوا لأعداء الإسلام بالدفاع عن الرسول من أمثال كعب بن زهير وحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة والإمام البوصيري وأمير الشعراء أحمد شوقي وغيرهم ممن أبلوا بلاء حسنا في الدفاع عن دين الله وعن رسوله، فكان شعرهم نضالا دينيا وسياسيا، من أغراضه كشف أكاذيب المعادين، والثناء على شجاعة الموالين، ودارت مدائحهم حول الرسول وأصحابه، بما فيهم من الخصال والسجايا الحميدة، والعاطفة الصادقة الصادرة عن عقيدة حقيقية.
لا أختم مقالي دون تقديم اقتراح للمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، وكلي ثقة بأنهم يأخذون كل اقتراح بناء بعين الاعتبار، واقتراحي هو أن تبدأ المؤسسة هذا المهرجان في حب الرسول في الأعوام المقبلة مع بداية شهر رمضان الفضيل، لما فيه من أجواء روحانية تلائم مضمون الشعر الديني، ولتكتسب زخما جماهيريا كبيرا ليس من الشعراء والمثقفين فقط ولكن أيضا من جمهور الناس ومتذوقي الشعر.
واسمحوا لي أن يكون ختام هذا المقال مختارات من قصيدة لشاعر الرسول الأول حسان بن ثابت يقول فيها:
– نَبِيٌّ أَتانا بَعدَ يَأسٍ وَفَترَةٍ مِنَ الرُسلِ وَالأَوثانِ في الأَرضِ تُعبَدُ
– فَأَمسى سِراجاً مُستَنيراً وَهادِياً يَلوحُ كَما لاحَ الصَقيلُ المُهَنَّدُ
– وَأَنذَرَنا ناراً وَبَشَّرَ جَنَّةً وَعَلَّمَنا الإِسلامَ فَاللَهَ نَحمَدُ
– وَأَنتَ إِلَهَ الحَقِّ رَبّي وَخالِقي بِذَلِكَ ما عُمِّرتُ في الناسِ أَشهَدُ.
بقلم: آمنة العبيدلي
المصدر: جريدة الراية
التاريخ: 17 أبريل 2016